من أنتم ؟

IMG_0044

سؤال أربك الكل ، أخذ الناس ينظرون لبعضهم البعض علّهم يجدون ذواتهم التي بعثرتها كلماته و أخذها سؤاله العميق إلى ما وراء حقيقتهم !
من كان المقصود يومها ؟ أنا أم الكل ؟
كنت في مكان لن انساه ابداً ، مكان يعجُ بأشباه الناس ومُمتليئ بشباب لم يهزّه السؤال و لم يُكلف نفسه عناء البحث عن إجابه .
إكتفى الكل بالضحك بعد ان تجاوزهم الأمر و إنتقل بهم بمفرداته التي مازالت تأسر الكثير و الكثير .و أختبئ كثيرون وراء خجلهم من عدم القدرة على الإجابه .
بالنسبة لي كان سؤاله و جيهاً موجهاً ، فيه كل معاني الإستفسار .
تراجعت لأخر (المربوعه) وهي المكان المخصص في البيوت الليبيه لإستقبال الضيوف.
بيني و بين شاشة التلفاز رؤوس كثيره تنتباها موجات من الضحك المبرر . فيه الخوف الشديد من معاني يدركها الكل و يخشى ان تكون كما فهمها.
كنت برفقة من لا أعرف يومها ، وهذه حقيقه. أخذني خالي معه لرؤية أصدقاءه . فما كان مني إلا ان وقفت و اشرت له بوجوب المغادره فالطوفان قادم .
خرجنا لطريق طويلة جداً مقارنة بالتي أتينا منها ، طريق ترتدي عمامة الخوف وتتشح بلون الأسى .. تمنيت الطيران لأصل لمزرعتي قبل أن يرف جفني ، مزرعتي التي إشتقت إليها كثيراً رغم غيابي عنها ساعة من الزمن . أتلهف لرؤية أبنائي و إخوتي..
طلبت منه التوقف في مدخل المزرعه.فأنا لا أستطيع الإنتظار حتى توصلني السياره..أريد الوصول بسرعه !
ثلاثمئة متر تفصلني عن البيت.أخذتها مُسرعاً لأحتضن أول من يقابلني.
كان الهدوء سيد الموقف.. فقد أدركت العائله يومها القادم و رأت الغد !
رحت أجري في أرجاء المزرعه كمن يريد التعرف على معالمها و أركانها، كمن يدخل مكاناً جديداً، أينما وقفت كانت السماء هي ما انظر إليه.
ودخلنا .. .لملحمة سطرها الصادقون المقتنعون بأهمية الإجابه ، ووقعوا بعد ان ازالوا الغُمه بين مطرقة الوافدون و سندان المؤدلجون ليقضوا بعد ذلك على كل صوت صدح بقوله ها انا ، و تُفرز البلاد أصناف من الناس ليسوا منا ولا ينتمون لنا ولم يكونوا معنا حين إنطلقت رصاصة التغيير التي لم تقف.
يستيقظ اليوم أولئك القوم ليُعرفوا عن نفسهم بعد فوات الأوان . يستيقظوا بعد ان ناموا ثلاث سنوات متواصله ليُجيبوا الرجل .. إكتفى الرجال حينها بطمس تاريخ يراه الاخر مجيداً و رأه شباب ليبيا الحقيقيين معيباً ، فلم يبقى منه كلمات ولا نشيد و لا علم.
إذاً من هم أولئك الناس ؟ من أحرق البلاد وحجب عنها شمس الحقيقه ونشر فيها غبار أتت على حلم الناس و وئدت فرحتهم ؟ هم شباب ضاعت هويته ولم يرثُ مما عاش إلا مؤقت ظبط أيامه و ساعاته وثوانيه على الوقت الذي يراه ليُحيل ماتبفى من فبراير من امل إلى وهم . يقودهم صنف ممن وفد علينا و لم يعرف من نحن و لا كيف نحن ولا قاعدة يعتمد عليها ليتعامل معنا.. تعّرف باكراً عن فقر الامه الليبيه لعلم يُحصن مستقبلها و صحة تقاوم بها افات الزمن و ثقافة مجتمعيه تُمكن الكل من الجلوس و الحوار و تدارس الامور ..ولعلي اضيف اهم ما افتقده اليوم و هو إنهيار المنظومة الاخلاقيه بالوطن..فلا سياسي نقتدي به او رجل دين يُخاطب الليبي بتجرد و لا قانون يحمي الحقوق.
لم يكن سؤاله مدعاة للضحك يومها..ولم يكن يتمنى هو نفسه يومها ان يكون مادة إعلاميه يتناولها القاصي و الداني بتهكم و بشكل يبعث عن الضحك..فلو كنا نعقل او نفهم لكان السؤال نهج عمل و طريق نتفادى من خلاله نقاط ضعفنا التي ورثناها غصباً بعد ان لقي حتفه . لكنا نضحك الان…كان يسئل و يُجيب !
_______________________________________________________________________
إستخدمت لوحة من لوحاتي (ضجر)

تعليق واحد على

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *